صحراء تونس.. بلاد الغزال والحبارى
صحراء تونس يستطاب فيها العيش
السياحة الصحراوية هي مفهوم جديد لمنتوج جديد كان لتونس سبق تطوير مضمونه وتسويقه بنجاح كمنتوج سياحي في سوق السياحة العالمية. وقد برزت السياحة الصحراوية في سياق ما شهده قطاع السياحة في تونس في العقد الأخير من القرن الماضي من تطوّر ونموّ، كإحدى ركائز الاقتصاد الوطني الذي شهد نموّا كبيرا بفضل الإصلاحات الهيكلية التي أدخلت عليه وأدّت إلى تنويع القاعدة الاقتصادية والجودة والنجاعة والمردودية. وهو منتوج يوفر أكثر من 10 آلاف سرير. كما يوجد بولاية تطاوين عدد من النزل ذات خدمات جيدة.
صحراء يستطاب فيها العيش
ولأن السياحة هي إحدى أهم مكوّنات قاعدة الاقتصاد التونسي فقد شهدت تطوّرا هامّا جدّا جعلها بالفعل أحد أبرز أسواق السياحة في العالم نظرا لثراء هذا القطاع وجودة المنتوج الذي يقدمه، ولما عرفت به تونس في العالم الخارجي من أنها بلد التسامح والانفتاح والأمن والاستقرار، والبلد الذي يستطاب فيه العيش، ويجد فيه السائح الأجنبي كل وسائل الراحة والترفيه والثقافة، والانطلاق إلى عالم الحرية..
ولم يكن السائح الأجنبي يعرف سابقا من ا لصحراء سوى أنها ذلك الغطاء الممتد من الرمال والذي تكتفي فيه وكالات السياحة بمجرد تنظيم رحلات استكشافية قصيرة بالسيارة.
لكن عبقرية الإبداع التونسي، وفي إطار الارتقاء بمردود المنتوج السياحي، توسعت في استغلال الصحراء كمعطى سياحي وثقافي، نظرا لما حبا به الله هذه الأرض الطيبية من ميزات طبيعية وتراثية جعلتها أرضا ساحرة بحق لا يمكن للزائر الأجنبي أو السائح إلا الإصرار على العودة إليها بعد كل زيارة. فالصحراء في تونس ليست مجرد صحراء..
الصحراء ليست ذلك الجدب الذي طويلا ما ألصق بعقول وأذهان شعوب أخرى في أوطان أخرى..
إنها موطن حضارة، وحكاية تاريخ، ورمز إبداع إلاهي وفني يستحق أن يعرف وأن يغوص الإنسان في جوهره..
لذلك فإن تسويق السياحة الصحراوية كان فعلا إبداعا يتوّج السياحة التونسية جاء مكملا لسياحة البحر والخدمات والغولف وغيرها من المنتوجات الرائعة التي اشتهرت بها تونس.
* قصور تحكي التاريخ
وهناك عندما يصل إلى أقصى مدينة إلى الجنوب، تطاوين، يقف مدهوشا أمام ما يعيش ويرى ويلمس، حتى أنه إذا كان قادما في جولة قصيرة فسيجد نفسه مضطرا لأن يجعلها تطول، وأحيانا تطول أكثر، فعلى بطن الجبل يقف نزل فخم من فئة خمسة نجوم، نزل عصري امتزج بروح الجبل وببشائر الصحراء وبكل خاصيات وخدمات النزل العصرية..
وحواليه داخل المدنية بعض من النزل من فئة ثلاثة نجوم.. لكن المهم بالنسبة للزائر السائح هو تلك النزل الأخرى التي لا يمكن أن يجدها في أي مكان آخر لا غربا ولا شرقا.
ففي هذه المنطقة تقوم شبكة من القصور الصحراوية القديمة بعضها فوق الجبال وبعضها في سفوح الجبال، وبعضها ما بين الجبال، هي قصور كان أنشأها في زمن مضى سكان تلك المناطق، وهم من البربر، الأحفاد على أجيال لسكان تونس الأصليين، الذين يعرفون في التاريخ بالأمازيغ، أو سكان الجبال.
* في بلاد الغزال والحبارى
الورل الغزال الحبارى
وإذا كانت أكلة الكسكسي التونسي تسلب عقول الزوار من السواح، فإن أطباقا أخرى من اختصاصات المنطقة أيضا قد أسرتهم وأخذت بمجامع قلوبهم، وجعلت الغالبية العظمى منهم تعود إلى المنطقة الساحرة عاما بعد عام.
من هذه الأطباق ما يعرف في الجهة "بالمسلان" وهي طريقة في تهيئة لحم الضأن على نار هادئة تحت الأرض، ودون أن تمسسه النار بما يجعل للحم نكهة وروعة لا مثيل لهما.. وكذلك ما يعرف بخبز الملة، وهو خبز يتم طهيه مباشرة.. في الرمل. نعم في الرمل الصافيّ، لكن دون أن تبقى به ذرة رمل واحدة، وطعمه يبزّ جميع أنواع الخبز الأخرى، بما يجعل السواح يعشقونه عشقا.
الكسكسي |
ولكن سائح الصحراء لا يتمتع بذلك فقط، فهو إلى ذلك ينطلق عبر الصحراء نفسها، تلك التي اشتهرت في تونس بأنها موطن الغزال والوعل، وموطن الحبارى.. ذلك الطائر الجميل الذي لم يذق الإنسان لحم طير أشهى ولا أحلى منه..
وهي بلد الزواحف التي يعجب السائح كيف يتمكن أهاليها من الحصول على الكثير منها، من أفاع وعقارب وملال وأورال، ثم تحنيطها وعرضها على السواح في لوحات عجيبة، يقتنيها هؤلاء كنوع من التذكار التي لا يجدها في أماكن أخرى..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire